السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أتمنى لو يجيب الدكتور ملهم الحراكي عن استشارتي ,,استشارتي بخصوص قريبتي 4 سنوات طفلة تعيش مع والدتها وأخوين أكبر منها وطفل عمره سنة
والدها غير متواجد لا تراه في البيت أبدا وهو من جنسية مختلفة عن جنسية والدتها وهما متدينان ولله الحمد. الطفلة خجولة جدا وعند اجتماعنا كانت ترد علي ببعض الكلمات عندما أحادثها وبعد أن أحاول مرارا
ولكن في المرة الأخيرة حاولت أن أكلمها دون جدوى..
ولا كلمة طوال وقت الزيارة تهز رأسها فقط رغم وجود العديد من الأطفال أخذتها لتلعب معهم رغم أنها أظهرت بعض الرفض ولا أدري هل تحدثت معهم أم لا؟ هل لاختلاف اللهجة دور؟؟
أشغلت تفكيري كثيرا وبدأت أقرأ عن خجل الأطفال فعرض لي الصمت الاختياري ولا أدري هل هي مصابة به أم ماذا؟ التحقَت بدار تحفيظ وهم يتحدثون معها نفس لهجتها- وكأنني فهمت من أمها أنها هي التي تريد الذهاب للدار-
وكنت بالصدفة موجودة في نفس دار التحفيظ عندما أراها أحاول الحديث معها وأسلم عليها لا رد سوى الإشارات.
وعندما رأيت معلمتها قالت لي أنها هادئة جدا قلت لها حاولي إخراجها من هذا الخجل فقالت لي إنها لا تردد معهم أثناء القراءة في الصف بصوت عال وإنما تحرك شفتيها دون صوت أيضا
لو أنبت المعلمة إحدى الطالبات فإنها تخاف وتدمع عينيها وهذه المعلمة يبدو أنها هادئة أيضا وربما جديدة أيضا كانت تبكي بصمت في أول أيام الدوام-كما تعبر عن رفضها لأي شيء بالبكاء-
والآن جاوزنا الأسبوعين في الدوام وهي لا ترد أبدا عندما أحادثها قالت لي أختي أنها وقفت مرة خلفها دون أن تراها عند تسميعها للمعلمة وكانت المعلمة تقول لها هيا هيا ولا ترد
أحضرتها ذات يوم للبيت وكان لدينا ضيوف وأطفالهم فلم تتحدث حتى بالهاتف عندما ناديتها لتحدث والدتها ولكنها تفاعلت باللعب الصامت فقط لا أحب أن أراها هكذا ولا أدري ماذا أفعل لأجلها ساعدوني بارك الله فيكم
وكيف أستطيع إخبار أمها إن كانت مصابة بهذا المرض مع أن أمها هادئة هدوءا طبيعيا مع بعض الحياء لكنها اجتماعية أيضا بعض الشيء وتتودد للأطفال في الاجتماعات ولكن لا أدري هل ستقتنع بضرورة إخراج ابنتها من هذه الحالة وكيف أصارحها
أمها تقول إنها تتحدث في البيت لدرجة أنها تطلب منها السكوت في بداية خجل الطفلة كنا نتوقع الأمر طبيعي وكانت لا تأتي للجلوس معنا عند زيارتهم هل عدم خروجها من البيت والحماية الزائدة من أخويها لها دور في حالتها
وكيف أجعلهم يبتعدون عنها قليلا فهم يهتمون بها بسبب توصية والدهم أعمارهم 11 و9 سنوات ماذا أستطيع أن أفعل لها أتمنى تزويدي بخطوات عملية لي كوني أراها لدقائق عند الخروج من دوامنا في الدار ولوالدتها وللمعلمة أتوقع أن لها دورا كبيرا معها...جزاكم الله خيرا وكتب أجرنا وأجركم,,,
سؤال آخر بخصوص وسواس الوضوء والصلاة
-وهل يدخل في الوسواس تذكر مواقف وأحداث لا أحبها؟
- فأنا أتعالج ب سيروكسات منذ ثلاثة أشهر تقريبا فهل يسبب كثرة النوم وكثرة الأحلام والوسواس موجود لدى خالتي كذلك والطبيبةالتي كنت أتعالج لديها سافرت فلم أذهب لها سوى مرة واحدة بعد شهر من الدواء
وسألتني عن حالتي فأجبتها أني شعرت بتحسن بعد مرور الشهر فقالت استمري مادمت تشعرين بتحسن وإن لم تشعري يمكنك زيادة الجرعة وقد كانت حبة يوميا ولكنني لم أغيرها شعرت بعد زيارتها بتوقف التحسن لفترة ثم تحسنت قليلا بعدها فلم أزدها لذلك.
ماذا أفعل الان فزيارة الطبيبة ليست سهلة من عدة نواحي بالنسبة لي وهي لم تحولني للعلاج النفسي المعرفي لارتفاع أجره وقالت نبدأ بالحبوب فقط علما أني مداومة عليها لكنها مرتفعة السعر كما تعلم..جزاكم الله خيرا وكتب أجرنا وأجركم,,
الأخت السائلة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
وأشكر أولا ثقتك بي وبهذا الموقع الطيب المبارك...
وأشكر ثانيًا حرصك على تلك البنت الصغيرة الخجولة...
بالنسبة لحالة البنت الصغيرة فأنت وضعت تشخيص مناسب لما وصفت على أنها صمت اختياري Selective Mutism
وهي آلية دفاعية معروفة وشائعة يلجأ لها الأطفال ليعبّروا عن خوفهم وخجلهم من الآخرين من غير المعتادين عليهم.
وهذا الخوف ناجم عن ضعف المهارات الاجتماعية كالتعرف على الأصدقاء والسلام والمشاركة في اللعب والتعبير عن المشاعر المزعجة....
فإذن السبب الحقيقي لصمتها هو قلقها الاجتماعي أو رهابها الاجتماعي
Social Anxiety or Phobia
خطوات عملية:
1- إشراك الأم والأب ومعلمتها في خطة الحل
2- من المفيد عمل اختبار ذكاء كاختبار ويكسلر WISC
3- العلاج السلوكي:
عمل مراحل متدرجة مع التعزيز للوصول إلى التعبير الكلامي
على الشكل: تشجيع التعبير عن طريق الرمز، ثم تشجيع التعبير عن المشاعر المزعجة أو الطيبة من خلال الرسوم، استعمال الكتابة.
ثم تشجيع التعبير همسًا في الأذن، ثم تشجيع التعبير بصوت منخفض ولكلمات قليلة أمام الآخرين...
مع جعل معززات تحبها الطفلة عندما تفعل الطفلة هذه المراحل مع الوعد بالمكافأة للمرحلة المقبلة...
ومن المعززات: شوكولاتة صغيرة – لصاقات على الدفتر – لعبة عروسة – حفلة...
نقوم بعمل قائمة من المعززات بشكل تصاعدي من أصغر المعززات إلى أكبرها بمساعدة الأم...
ونقدم المعزز مع كل مرحلة يتم اجتيازها، وذلك في البيت والمدرسة...
4- تحسين البيئة الاجتماعية للأسرة، من خلال توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية مع الجيران من خلال تبادل الزيارات، وكذلك مع الأصدقاء...
وهكذا حتى يتعدد الأشخاص في حياة الطفلة ولا تقتصر معرفتها على أسرتها والمدرسة وحسب...
5- من الممكن إضافة علاج دوائي مساعد مضاد للقلق في حال لم تنجح خطة العلاج السلوكي عند مضي فترة لا تقل عن شهر إلى الشهر ونصف...
بالنسبة لحالتك أختي الفاضلة:
فالعلاج الأساسي والحل الجذري لمرض الوسواس ليس العلاج الدوائي وحسب، بل هو العلاج المعرفي (أي تعديل الأخطاء في التفكير) والعلاج السلوكي (بتعديل السلوكيات السلبية المكتسبة)..
ولو بذلت في ذلك المال فهو عمليا وحقيقةً وصدقًا هو الأوفر لك على مدى البعيد...
لأن العلاج المعرفي السلوكي بيد خبيرة حتى ولو كانت الجلسة في الصين!!!
هي أوفر وأفضل لك من أن تبقي في جحيم الوسواس وعودته كل فترة والثانية، وكذلك دوامة تبديل الدواء النفسي من واحد لآخر...
فالعلم الحالي ومن واقع خبرتي أرى أن دمج العلاج الدوائي مع جلسات العلاج النفسي ومن أول المعالجة جوهري ونافع جدا، ولا يجوز الاكتفاء فقط بالدواء مع الاحترام لرأي الزميلة الفاضلة...
ودمت بخير تابعينا بأخبارك وأخبار العروسة الصامتة..
الكاتب: د. ملهم زهير الحراكي
المصدر: موقع المستشار